د. فايز الربيع
كثيرا ً ما نسمع هذا المثل الذي يضرب عندما يبادر أحد الأقارب إلى فك زنقة قريبه، وغالبا ً ما تكون المسألة عويصة و تحتاج إلى تدخل ايجابي واستثنائي ويسجل هذا الموقف في سجل الذاكرة يحفظ مع الأيام.
أقول هذا المثل و أنا استمع إلى تصريحات المسيحيين العرب من ابناء فلسطين، و الذين هم ابناء هذه المنطقة تاريخيا ً وحضارة، و منذ ان أعطى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عهدته العمرية ، و اعطى الصورة الايجابية للعلاقة بين المسلمين و المسيحيين بالأمان و المحافظة على الكنائس ، ورفض أن يصلي في مكان يمكن أن يتخذ حجة في إقامة مسجد، وصلى في المكان الذي سمي فيما بعد بمسجد عمر، و العلاقة الإيجابية تظلل حركة الحياة.
جاءت حروب ( الفرنجة ) وهو الأسم الذي نطلقه نحن المسلمين على الحروب التي سميت تجاوزا ً ( بالصليبية ) لتؤكد وقوف المسيحيين العرب ايضا ً إلى جانب المسلمين وعدم الإنسياق وراء الدعاوى التي جاءت باسم الدين لتغير معادلة التاريخ ، التي عادت بعدها وأكدها ( عيسى العوام )، في المسألة بالوقوف إلى جانب أبناء جلدته من العرب المسلمين.
أقول ايضا ً إن ما اطلقه مسيحيو فلسطين هذه الأيام هو تجذير لما مضى من علاقة و تجديد لما هو مستقبل منها ، وهو ما اكده المطران عطا الله في اكثر من مناسبة بخصوص القضية الفلسطينية.
أعود لقضية الأذان ، وهي قضية تمس كل مسلم ، لم يجرؤ على الإقتراب منها أي محتّل، وهي جزء مما تبقى للمسلمين من مظاهر تربطهم بدينهم ومساجدهم ، هذا الموقف الذي أكد فيه مسيحيو الناصرة ، وبيت لحم ، و عموم المسيحيين في فلسطين ، برفع الأذان من كنائسهم اذا استمر اليهود في موقفهم تجاه هذه القضية ونذكر ما قامت به كنائس غزة من استضافة المسلمين ابان القصف على غزة و القيام بواجب الأخوة ، مما يؤكد المثل الذي قلناه ( أن الدم لا يمكن ان يصير ميّه).
هي وحدة هذا الشعب ، وهي جزء من تاريخه ، ولعّل موقف المسيحيين ابان الفتح الإسلامي وفي معركة اليرموك تحديدا ً كان جزءا ً من هذا التاريخ ، وكنائس أم الرصاص وحمايتها عبر التاريخ من المسلمين تؤكد ايضا ً الشعور المتبادل بين المسيحيين العرب و المسلمين العرب وتؤكد كذلك ، أن كل شعارات التكافل و الوحدة الوطنية هي واقع قبل ان تكون شعارات ، لإنها جزء من قناعات تاريخية في أننا واحد في مواجهه هذا المحتل الغاصب الذي تستوي عنده في معاملة المساجد و الكنائس لإن كل الآخر بالنسبة له هم أمميّون – موجودين لخدمتهم – ولا يستحقون أن يكونوا بشراً، و آخر ما يفكرون به هو حقوق الإنسان ، وحرية الدين و العقيدة ، فهم لا يرون إلا أنفسهم وما علينا إلا ان نستمر في نفس السياق و نؤكد نفس الهدف في المواجهة و هي سر قوتنا عبر التاريخ مسلمين و مسيحيين من هذه المنطقة أرض الديانات و مدارج الأنبياء ومعراج رسولنا صلى الله عليه وسلم.
Email: [email protected]